كما
هو معلوم فإن العلاقات البرازيلية-الأمريكية تأرجحت تاريخيًّا بين فترات تعاون
ومواجهات. ويشترك البلدان في قيم ديمقراطية ويربطهما شراكة تجارية قوية، إلا أن
سياسة ترامب "أمريكا أولًا" أدخلت ديناميكية مواجهة جديدة. وتصاعد
التوتر أخيرًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على المنتجات البرازيلية، وهي خطوة
فاجأت الدبلوماسية البرازيلية وتهدد بالتأثير بشدة على التبادل التجاري الثنائي. فلقد اصطدمت مفاوضات البرازيل لتفادي هذه
"الضربة الجمركية" بجدار اللامبالاة من البيت الأبيض، مما يشير إلى موقف
غير مرن من الإدارة الأمريكية. وتفاقم الوضع بتحقيق مكتب الممثل التجاري الأمريكي في
الممارسات التجارية البرازيلية، خاصة في التجارة الرقمية وخدمات الدفع الإلكتروني
والتعريفات التفضيلية. ومن المتوقع أن تعقد جلسة بشأن هذا التحقيق في 3 سبتمبر
2025، ما قد يزيد الخلاف عمقًا. ويرتقب بأن ينخفض التبادل التجاري بين البلدين
(الذي سجَّل 20 مليار دولار في الربع الأول من 2025) بنسبة 35% في حال تطبيق
الرسوم بنسبة 50% على كافة المنتجات البرازيلية وفق دراسات حديثة. هذا وأن البرازيل
تصدّر النفط الخام والحديد والفولاذ شبه المصنّع والقهوة للولايات المتحدة، مما
يعرّض علاقةً تجارية حيوية للخطر.
وتعد
عضوية البرازيل في مجموعة "بريكس" (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب
أفريقيا، والمجموعة الموسعة حديثًا: مصر، إثيوبيا، إيران، إندونيسيا، الإمارات)
عاملًا محوريًّا في تعقيد علاقتها مع واشنطن. وتهدف المجموعة إلى تعزيز نظام عالمي
متعدد الأقطاب، وتحدي الهيمنة الغربية، ومنح الاقتصادات الناشئة صوتًا أكبر. لكن هذه
الرؤية تصطدم مباشرةً بالسياسة الخارجية الأمريكية الساعية للحفاظ على نفوذها
العالمي. وتثير مشاركة البرازيل في تحالف
يضم خصومًا جيوسياسيين مثل الصين وروسيا قلق واشنطن. ويُنظر إلى أجندة
"بريكس" (مثل تقليل الاعتماد على الدولار، وإنشاء آليات مالية بديلة -
البنك الجديد للتنمية - وتعزيز تجارة عادلة) كمحاولة لتقويض النظام المالي العالمي
القائم على الدولار. كما أن عودة ترامب (بحمائيته وريبه من التحالفات
متعددة الأطراف) زادت من التوترات. لأنه عبر صراحةً عن كرهه للتكتلات الاقتصادية
التي "تضر بمصالح أمريكا"، وتُنظَر "بريكس" بوصفها تهديدًا
للنفوذ الأمريكي في أمريكا اللاتينية والعالم. وقد تكون التعريفات على البرازيل
وسيلةً لضغطها لإعادة تقييم تحالفاتها والانحياز لمصالح واشنطن. وتدفع خطابية
ترامب الدول لـ"الاختيار" بين الانحياز لأمريكا أو مواجهة عواقب
اقتصادية، وتجد البرازيل نفسها في قلب هذه المعضلة.
وقد
تؤدي المواجهة إلى:
-
انخفاض التبادل التجاري الثنائي، واضطراب سلاسل الإمداد.
-
تعزيز البرازيل لعلاقاتها مع "بريكس" والاقتصادات الناشئة لتقليل
اعتمادها على أمريكا.
-
تسريع التحول نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.
وزيارة
وزيرة الأمن الأمريكي كريستي نويم إلى تشيلي (لمواجهة عصابة "قطار
أراغوا") تؤكد اهتمام واشنطن بنفوذها في المنطقة، ولكن سياسات ترامب قد تدفع
بلدانًا مثل البرازيل للابتعاد.
وتقف العلاقات
البرازيلية-الأمريكية عند مفترق طرق في 31 يوليو 2025. نظرا لأن تعرفة ترامب
(المدفوعة بـ"أمريكا أولًا" وريبه من "بريكس") تخلق توترًا
غير مسبوق، بينما تسعى البرازيل لتعزيز دورها كقوة ناشئة عبر "بريكس". خاصة
وأن استقرار المنطقة والعالم يعتمد على قدرة البلدين على إيجاد أرضية مشتركة. وقد
تؤدي استمرارية الحمائية إلى مزيد من انقسام الاقتصاد العالمي وتعجيل صعود نظام
متعدد الأقطاب بعواقب غير محددة.
#البرازيل_أمريكا
#بريكس
#ترمب
#الحرب_التجارية
#الرسوم_الجمركية
#الاقتصاد_العالمي
#السياسة_الخارجية
#العلاقات_الدولية
#أمريكا_أولاً
#البرازيل
#الولايات_المتحدة
#تجارة_دولية
#تأثير_اقتصادي
#جيوسياسيا
#نظام_عالمي_متعدد_الأقطاب
#دول_البريكس
#تحالف_البريكس
#توتر_تجاري
#التموضع_الاستراتيجي
#ترمب_يعود
0 تعليقات
كل التعليقات تعبر عن رأي صاحبها وليست لها علاقة بموقع المكسيك بالعربي